18 - 06 - 2024

نقد مسرحي | "روح الصورة" تعيد بريق المسرح الجامعي: قصة حب بين نجمة سينمائية وكومبارس!

نقد مسرحي |

* المسرح الجامعي يستعيد بريقه 

لو كان هذا العرض في زمن آخر؛ لشاهدها طه حسين ومحمد حسين هيكل ومحمد مندور!

ولو تقدم عن هذا 50 عاما لكتب عنه محمد مندور وفؤاد دوارة ورجاء النقاش!

ولو عرضت على خشبة المسرح القومي لصفق لها الجمهور المصري!

ذهبت إلى مسرح جامعة القاهرة الذي يحتاج إلى كثير من التنظيم؛ وأنا أمني نفسي ببعض الوقت أشاهد فيه طلاب وطالبات يمثلون كالكبار ويمرحون كما هو طبيعة عمرهم؛ فإذا بي أشاهد نجوما كبار لا يعرفهم المخرجون اللامعون أمثال عصام السيد وعمرو دوارة!

وجدت لديهم الدقة والانضباط والجدية والتمثيل المتقن وكثير من المتعة التي تؤكد جمال الفن وروعته ولو كره الحاقدون، نجوم تحملوا عبء كل عناصر العرض من إضاءة وديكور وملابس وماكياج.. جميعها جاءت باحترافية مدهشة؛ فمن أين أتقنوها ومدارسنا لا تعرف أهمية النشاط المدرسي وبصفة خاصة الرياضي والكشفي والفني الذين صنعوا منا مشروع ناس تتذوق الجمال وتقدسه؟!

يدهشك أن تتلقى معلومة عن هذه الفرقة من فريق مسرح طب القصر العيني، تلك الكلية العملية التي لا يجد فيها الطالب أو الطالبة وقتا للسلام على الأسرة والأهل، ولكنهم واصلوا الليل بالنهار حتى يتفوقوا في دراستهم ويقدموا "لأنفسهم" فنا جميلا، نعم لأنفسهم؛ فقد وجدت في داخل المسرح وخارجه آلاف الطلاب ـ يفرحون القلب الحزين ـ ولم أجد مسؤولا عن الفن أو الشباب ولا فنانا يصفق لهم! 

تندهش أن هذه الفرقة من الشباب الدارس مع ازدحام جدول محاضراتهم وزياراتهم للمستشفيات ودور العلاج، احتكرت المراكز الأولى طوال السنوات السبع الماضية.

رغم هذا فإن ما شاهدته كان مذهلا، كان يتخطى كل التوقعات، من نص إنساني يجمع بين رومانسية الحب التي تليق بهذا الشباب، إلى روح الفكاهة والمرح ـ من دون تقل دم ـ والأهم من مناقشة قضية إنسانية، فنية، مجتمعية، ملخصها هو نظرتنا القاصرة للممثلين الكومبارس، ولأني شخصيا تعرضت لنفس القضية في تحقيقاتي الصحفية لمقهى "بعرة" ـ إسمه كدة ـ الذي يتجمع عنده الكومبارس في شغف بالغ لمن يطلب من أحدهم المشاركة في عمل فني ـ سينما أو مسرح ـ مجرد مرور أمام الكاميرا، ساعتها يكون لزاما عليه تحية زملائه المتعطلين على مشروب من المقهى الذي أسماه النص الرائع الذي كتبه وأخرجه باحترافية المخرج الموهوب المتحقق: محمود جمال حديني ـ أخذ إسمه عن الفنان الكبير الصديق محمود الحديني ـ أسماه "قهوة النجوم"، وبرر النص في أحد مشاهده المسمى بأن رواده يحلمون بالنجومية وأنهم سيصلون إلى محطتها وبراحها من خلال موسيقى رفيق يوسف وأزياء شروق العيسوي المبهجة!

من المشهد الأول نلمس جهدا موفقا في الديكور لواجهة دار عرض سينمائي الذي صممه ببراعة رفيق يوسف يتصدرها شباك التذاكر وموظفته ذات الحضور، ونجحت اضاءة كاجو في تكثيف الإحساس بالمكان، وربما جاء ذلك في إشارة إلى أن نجوم العرض ليسوا من نجوم الشباك، بل خارجه، هناك عند قهوة النجوم "الكومبارس" كما نحب أن نطلق عليهم!

الزمن: يأتي في رحلة متصلة من ثلاثينيات القرن العشرين حيث زمن محمد عبد الوهاب، مرورا بأربعينيات ليلى مراد إلى أن يختتم عند زمن العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، نعرف الزمن من خلال الأغنيات الصداحة أو تغيير الأفيش على واجهة سينما عماد الدين.

وسط كل هذا الصخب، تطفو على سطح المسرح قصة حب وصعود غاية في الرقة والعذوبة، من قبل "بدور" أو "حياة" اسمها بعد الشهرة، التي اختار لها أستاذها وفتى أحلامها الكومبارس الذي ساعدها في أول الطريق، وهي الفتاة البسيطة عندما أخبرته أنها دخلت السينما لمرة واحدة، لمحت فيها صورته رغم أنه كومبارس، إلا أنها ألهبت مشاعرها وشعرت أن هناك قصة حب ستجمع بينها وبينه؛ فيما أن الكومبارس "أنس" يشعر بأن الفرق بينهما كبير، فهي نجمة الشباك في حين هو يجلس تحت الشباك فيرفض حبها ويتهرب من الزواج منها حتى يموت أو ينتحر: لم يوضح العرض، هذا هو الخط الأوضح في العرض الذي قام بأدائه على أروع وجه نجما المستقبل القريب: شروق طاهر بوجهها البريء وامتلاكها لمفاتيح الممثلة الواعية لأبعاد دورها، وباهي أشرف الممثل الذي لا يقل أبدا عن نجوم المسرح الحاليين ويجيد التنقل بين إحساس وآخر، وهما ـ شروق وباهي ـ أوضح الأصوات في قاعة المسرح لمن كان يجلس في الصفوف الأخيرة مثلي، وأتذكر ما قالته لي النجمة القديرة أمينة رزق وأنا أسجل مذكراتها أن يوسف بك وهبي كان يشدد على تركيز الممثل على أن يصل صوته حتى أخر متفرج في الصالة، ومن أطرف المشاهد مشهد سارق الاكسسوار الذي أخرج أمامنا ساعة أنور وجدي "اللي هي سارقاها فيروز"، و"في ظهور خاص لطفلة جميلةالفانوس السحري بتاع اسماعيل يس" في ظهور خاص لطفلة جميلة "جميلة محمود"، وتلهب الستار حماس الشباب المتفرج لنجوم مصر في السنوات المقبلة، وقد عرفت عدد كبير من أصدقائي المشاهير من خلال النشاط الجامعي. بقي أن نحييهم جميعا: رنا عجرمة، أندرو أيمن، توني راضي، باهي أشرف، مينا مجدي، عبد الرحمن عاشور، أندرو سامح، مسلم الكردي، احمد رجب، رضوى غريب، بسملة عبد الله، احمد ياسين، رائف المسيري، عمر حسن، فارس الشريف، نغم السيد، أميرة عارف، رحمة جلال، شروق طاهر، ماريو ايليا، سلمى سليمان، محمد عبد المنعم، عمر عبد الهادي، ريم حمدي والطفلة جميلة محمود.






اعلان